الإثنين , يونيو 23 2025
أخبار مميزة
الرئيسية / متنوع / تحليل- الآثار السلبية لتسييس القضايا التكنولوجية
A SK Telecom Co. Sapeon X220 AI semiconductor board is arranged for a photograph at the company's office in Seongnam, South Korea, on Wednesday, Nov. 25, 2020. The Sapeon X220 is designed to speed up servers that cater to a growing number of mobile devices - from drones to self-driving vehicles - that perform better with AI. Photographer: SeongJoon Cho/Bloomberg

تحليل- الآثار السلبية لتسييس القضايا التكنولوجية

وُصفت المحادثات التجارية التي عقدت مؤخراً بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين بأنها “صعبة” و”مباشرة”، مما يُبرز فرصاً للتقارب أو ربما مزيد من التوترات بين أكبر قوتين اقتصاديتين على المستوى العالمي.

وقال أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة لن تطالب حلفاءها بالاختيار بين الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة أو الصين، وأشار إلى أن بناء المستقبل يتم من خلال تعزيز الابتكار وليس إطلاق التهديدات.

يوفر متابعة الحوار الأمريكي الصيني فرصة لتهدئة النزاعات الاقتصادية بين البلدين التي تتركز حالياً على عدة محاور أبرزها التكنولوجيا. وتحدث توم أورليك، كبير المحللين الاقتصاديين في شركة “بلومبيرغ إيكونوميكس” عن المحادثات الثنائية الحالية قائلاً: “هناك ما يدعو إلى التفاؤل بشأن المحادثات التي أجريت، وأعتقد أنه من الممكن إحراز المزيد من التقدم بهذا الشأن”.

لكن، بغض النظر عما قد يحدث وراء الكواليس، من الواضح بأن القضايا التكنولوجية أحد أهم المواضيع التي ستحدد إمكانية تحقيق المزيد من التقدم في المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما قضية الرقائق الإلكترونية التي تعتمد على أشباه الموصلات ذات المكونات الأمريكية التي حُرمت شركات صينية منها أهمها هواوي، ما أثر على مستقبل أعمالها بشكل صريح خصوصاً في مجال الأجهزة وحرمانها من خدمات جوجل وكذلك الحرب الأمريكية المركزة على تقنية الجيل الخامس من الشركة التي اجتاحت العالم.

ونظراً إلى أن الرقائق الإلكترونية هي واحدة من المكونات الأساسية لبناء البنية التحتية الرقمية في المجتمعات المعاصرة وأي نقص فيها يؤثر بشكل مباشر على مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تخطط لها العديد من الدول، فإن نقص الرقائق على المستوى العالمي في عام 2021 سيكون له تأثير كبير على مستقبل الرقمنة عموماً في كافة البلدان، بما فيها الولايات المتحدة والصين.

وبحسب رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات، يجب على الدول أن تتعاون على تعزيز الابتكار لمواجهة التحديات التي تواجه القطاع التقني، حيث أدت الاضطرابات التي واجهت سلاسل التوريد بسبب تفشي الجائحة إلى تفاقم مشكلة نقص الرقائق الإلكترونية.

الصين واحدة من أكبر الدول التي تستورد أشباه الموصلات. وفي العام الماضي، برزت الحاجة إلى الحد من اعتماد الصين على الشركات الخارجية لتوفير الرقائق الإلكترونية بسبب العقوبات الأمريكية التي منعت بموجبها هواوي من استيراد المكونات اللازمة من الولايات المتحدة. وفي ظل تفشي الجائحة في جميع أنحاء العالم، أدت السياسات التجارية المتبعة إلى توقف العمليات الإنتاجية على جميع المستويات سواء الهواتف الذكية الجديدة أو حتى سيارات المستقبل ذاتية القيادة. لذا، سعت الشركات الصينية لحماية نفسها من القيود التكنولوجية.

ومضت في طريقها لتعزيز مكانتها في عالم الابتكار التقني. وتجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر دولة تملك براءات اختراع دولية في عام 2020، حيث ركزت الحكومة الصينية على تعزيز استراتيجية الاعتماد على الذات في المجال التقني في أحدث خطة لها تمتد على مدار خمسة أعوام.

وأنفقت الشركات الصينية ما يبلغ 32 مليار دولار تقريباً لاستيراد التجهيزات اللازمة لإنتاج رقائق الكمبيوتر من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها في العام الماضي بزيادة قدرها 20% مقارنة بعام 2019.

وقامت شركات مثل هواوي ببناء أول مصنع محلي لتصنيع الرقائق وأكدت التزامها بتنفيذ استثمارات كبيرة في البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والجيلين الخامس والسادس، حيث بلغ انفاقها في مجال البحث والتطوير بحسب تقريرها السنوي لعام 2020 مايزيد عن 21.8 مليار دولار أي حوالي 15.9 من عائدات الشركة السنوية الإجمالية، متفوقة بذلك على كافة منافسيها من الشركات الغربية.

وكانت هواوي من أكبر الشركات التي تملك براءات اختراع على المستوى العالمي، فلديها أكثر من 100.000براءة اختراع، وشاركت في أكثر من 30 تحالف تقني. ونشرت أكثر من 590 تقريراً، مما ساهم في ترسيخ دورها في البحث الأكاديمي.

وبحسب دراسة الأثر الاقتصادي لهواوي على أوروبا من أوكسفورد إيكونوميكس، أثر المارد الصيني هواوي في أوربا واضح، ففي عام 2019 ساهمت هواوي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بمبلغ وصل إلى 16.4 مليار يورو، مما ساهم بدوره في الحفاظ على 224.300 وظيفة.

وفي والوقت الذي تقترب فيه الصين من بناء قدراتها التكنولوجية الخاصة، ترتفع وتيرة تساؤلات المجتمع الدولي عن الأسباب المنطقية للحظر التكنولوجي الذي تفرضه الولايات المتحدة على الصين. وأشارت جمعية أشباه الموصلات SEMI إلى أن لوائح الرقابة على الصادرات الأمريكية “تقوض” مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال الإضرار بصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة وسلسلة توريد أشباه الموصلات.

وقال العديد من المسؤولين التقنيين في أوروبا أن الهدف من العقوبات الأمريكية على الشركات الصينية هو إبعادها عن السوق وفقاً لتقارير نشرتها صحيفة “فاينانشال تايمز”. وسمحت الولايات المتحدة لبعض الشركات الخاصة بالتعامل مع الشركات الصينية. ونُقل عن ويليام بار، المدعي العام الأمريكي السابق قوله بأن الشركات الأمريكية الخاصة هي المسؤولة عن تراجع التفوق التكنولوجي للولايات المتحدة.

لا شك أن النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لها تداعيات خطيرة على المستوى العالمي في مجالات حيوية مثل مستقبل الابتكار التقني والتحول الرقمي. وتمتد هذه الآثار لتشمل مختلف الدول في الشرق الأوسط الذي يتطلع إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعافي من آثارا لجائحة بالاعتماد على الحلول الرقمية المتطورة.

وقال بيتر بيتري، الزميل غير المقيم في مؤسسة “بروكينغز” وأستاذ العلوم المالية الدولية في كلية برانديز لإدارة الأعمال الدولية عندما كانت التوترات بين الولايات المتحدة والصين في ذروتها قبل عام تقريباً: “من غير المنطقي أن تسيطر جهة واحدة على التكنولوجيا. فالعالم كبير جداً وهناك العديد من الأفكار المعقدة التي يجب أن نتعامل معها. وبالتالي ينطوي الأمر على مصاعب كبيرة”.

بغض النظر عن مستقبل العلاقات الأمريكية الصينية التي ينتظر العالم بأسره أن تهدأ وتيرة موجاتها السلبية، يبدو أن المجتمع الدولي متوحد بفكرة أن التكنولوجيا يجب أن تبقى بعيدة عن السياسة، وأن تسييس قضايا التكنولوجيا لن يفرز إلا مزيداً من العراقيل في وجه مستقبل الابتكار التقني الذي ننتظر منه جميعاً أن يخدم مسيرة التنمية والتطوير ويصب في صالح مستقبل البشرية.

اقرا ايضا

“آبل” المتأخرة في مجال الذكاء الاصطناعي تواجه ملفات شائكة

تواجه “آبل Apple” خلال عرضها التقديمي السنوي للمطورين الاثنين ملفات شائكة، في ظل تأخرها المتفاقم …

تعليقات فيسبوك