لطالما كانت المواد المغناطيسية باهظة التكلفة وصعبة التحصيل بسبب هذه الندرة النسبية، فكان البحث عن بدائل جديدة أمرًا بديهيًا، لذلك سعى الباحثون لاكتشاف بُنى جديدة آملين أن يجدوا فيها خصائص مغناطيسية. وعلى الرغم من فشل بعض البنى الجزيئية، نجحت أخرى، وما زاد من صعوبة المهمة ندرة المغانط عالية الأداة مقارنة مع نظيراتها الحاملة لخصائص تقليدية.

أما في هذا البحث، استخدم الباحثون حواسيب فائقة لاختصار البحث بنمذجتهم للمغناطيسية المحتملة لمئات آلاف المواد المرشحة وبسرعة فائقة، ما قلل الاحتمالات من 236 ألفًا إلى 14 فقط، وتأكدوا من عملية النمذجة عندما نجحوا في صنع مادتين مغناطيسيتين جديدتين اعتمادًا على تصاميمهم.

وقال ستيفانو كيورتارولو، بروفسور هندسة الميكانيك والمواد، ومدير مركز ديوك لجينوميا المواد في بيان صحفي لجامعة ديوك: «إن تصميم وتخطيط المغانط عمل غاية في الصعوبة، فضلًا عن أن اكتشافها نادرٌ جدًا، فبوجود عمليات المسح اللازمة، تطلب منا الأمر أعوام لمطابقة تصاميمنا مع الواقع، وإننا نأمل أن يتبع الآخرون نهجًا مماثلًا لصنع مغانط تستخدم على نطاقٍ واسع.»

حلٌ فائق

صنع الفريق المادة المغناطيسية الأولى من الكوبالت، والمنغنيز، والتيتانيوم، ذات التركيب الكيميائي «Co2MnTi»، وصمموا خصائصها بدرجة عالية من الدقة بمقارنة الخصائص المقاسة لمغانط شبيهة البنية، وامتلكت المادة مستويات عالية من «درجة حرارة كوري» على نحو لافت؛ ويقصد بها درجة الحرارة التي تخسر عندها المادة مغناطيسيتها، فبلغت 664.85 درجة مئوية لتطابق تصميمات الباحثين تمامًا، فضلًا عن افتقارها للعناصر الكيميائية النادرة صعبة التحصيل وباهظة التكلفة، وبهذا تقدم المادة الجديدة تطبيقات تجارية جمّة.

أما المادة الثانية، فتتكون من المنجنيز، والبالاديوم، ذات التركيب الكيميائي «Mn2PtPd» وهي مادة مغناطيسية حديدية مضادة؛ أي تنقسم ترتيبات إلكتروناتها مناصفة وبشكل متعاكس، ما يحرم المادة من امتلاكها لأي زخم مغناطيسي داخلي، وبدلًا من ذلك، تستجيب إلكتروناتها للمجالات المغناطيسية الخارجية، وتقتصر التطبيقات العملية لهذه المادة على الأقراص الصلبة، والاستشعار المغناطيسي، وذاكرة الوصول العشوائي «الرام»، وعلى الرغم من الصعوبات التصميمة الكامنة في التوصل لخصائص مغناطيسية للمادة، فإن حسابات الباحثين كانت دقيقة.

وضع هذا التقدم بصمة جديدة للحواسيب الفائقة، المستخدمة حاليًا في التنبؤ بالرياح الموسمية، والكشف عن أصول البنى الكونية، وحتى إطالة العمر المتوقع، وباستخدام النمذجة التصميمية في مجالات جديدة، ستجد الحواسيب الفائقة حلًا للكثير من مشاكل البشرية، لتفتح لنا آفاقًا إبداعية جديدة ومساعٍ مبتكرة.

المصدر: مرصد المستقبل