الخميس , يونيو 26 2025
أخبار مميزة
الرئيسية / حكومات وشركات / اتهامات الاحتكار تطارد جوجل وفيسبوك
صورة من أرشيف رويترز لشعار جوجل على باب في إحدى مكاتب الشركة.

اتهامات الاحتكار تطارد جوجل وفيسبوك

في النصف الثاني من شهر أكتوبر الماضي وعلى أعتاب العام الجديد، أعلنت شركة تي أند تي إقدامها على شراء شركة تايم وارنر بمبلغ يتجاوز 85 مليار دولار، وأثارت الصفقة وقتها جدلا كبيرا بسبب ضخامتها، وبسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن استكمالها سيعني تركيزا كبيرا للقوة في يد عدد محدودمن الأشخاص, بل إنه ذهب خطوة أبعد من ذلك عندما تعهد بإحباط الصفقة إذا فاز بالانتخابات الرئاسية.

لم تكن إثارة اتهامات الاحتكار مقصورة على الرئيس الأمريكي الجديد، بل إن الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات الضخمة من الاندماجات أكدت هذه المخاوف، فأيه تي أند تي نفسها أكدت أن الصفقة تخضع لمراجعة الجهات التنظيمية التي تحاول تطبيق قواعد قانون منع الاحتكار، مشيرة إلى تمنيها استكمالالصفقة قبل انتهاء العام الحالي.

احتكارات وادي السليكون

على الجانب الآخر، كان هناك من ينظر للأمر بنظرة مختلفة، مؤكدا أن ما يبدو على السطح ليس كل شيء ، فجبل الجليد تحت سطح الماء لا تبدو سوى قمته. ومن ثم فاندماج أيه تي أند تي وتايم وارنر لا ينبغي أن يعمي الأعين عن حقائق جديدة يزخر بها سوق التقنية ووسائل الإعلام. وعلى رأسها تلك الاحتكارات الاقتصادية الكبري في قطاع الإعلام والتي تسيطر عليها الشركات العملاقة في وادي السليكون.
ذكر هذه الحقيقة Mark Cuban رجل الاعمال في قطاع الإنترنت في أجتماعات إحدي اللجان الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس الشيوخ، مشيرا إلى أن الشركات المسيطرة بشكل حقيقي في مجال وسائل الإعلام لا تخرج عن أربع شركات، هى: فيسبوك وجوجل وأبل وأمازون.

ألفابيت وفيسبوك تتوسطان العشر الكبار

وقد أشارت البيانات التي تم الكشف عنها خلال الأيام الماضية أن شركة ألفا بيت وهي الشركة الأم لشركة جوجل وشركة فيسبوك من بين أكبر عشر شركات في العالم . وتبلغ القيمة السوقية لشركة ألفا بيت وحدها نحو 550 مليار دولار، بينما لن يتجاوز اندماج أيه تي أند تي وشركة وارنر 300 مليار دولار.
كشف المراقبون أيضا عن أن شركة ألفا بيت تمتلك نحو 83 % من سوق البحث الخاص بالهواتف المحمولة في الولايات المتحدة ، و تسيطر على نحو 63% من سوق أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة هناك. أما شركة أيه تي أند تي فتسيطر على 32 % فقط من سوق الهواتف المحمولة، و26 % فقط من سوق خدمات التلفاز المدفوعة.

ووفقا للبيانات التي كشفت عنها شركة MoffettNathanson فإن الاندماج بين تايم وارنر وايه تي أند تي يعني أن الرصيد النقدي الذي سيتوفر للشركتين معا لن يزيد عن 8 مليار دولار، بينما صافي الدين يزيد عن 171مليار دولار. أما الرصيد النقدي لشركة ألفا بيت وحدها فيصل بحسب هذه التقارير إلى 76 مليار دولار، بينما لا تزيد الديون الإجمالية على نحو3.94 مليار دولار.

واستكمالا لهذه الحقائق التي لا تقبل الجدل، أوضح المراقبون أن كل دولار تم إنفاقه على الإعلان عبر الإنترنت في الربع المالي الأول من عام 2016 ، سيذهب نحو 855 سنتا منه إلى جوجل أو إلى الفيسبوك، وذلك وفقا لما أكده براين نواك المحلل في شركة مورجان أند ستانلى.

الركوب المجاني

وأوضح الخبراء أن هوامش الربح الصافية الضخمة التي تحققها شركتا جوجل وفيسبوك تعود إلى سيطرتهم على المحتوى المتاح عبر الإنترنت، بينما تعد مشاركتهم في صنع هذا المحتوى محدودة.

لفت الخبراء النظر أيضا إلى أن جوجل والفيسبوك تبنيان نموذجهما الإعلاني على نسق نظرية “free riders” أي أنهما يلعبان هنا نفس الدور الذي يقوم به هؤلاء الذين يركبون وسائل المواصلات مجانا مع الركاب الآخرين المتجهين إلى مكان ما. إذا إنهم يستفيدون من بيزنس الإعلانات المصاحب للمحتوى الذي يصنعه الآخرون. والمدهش أن بعض هذا المحتوى تقدمه شركة تايم وارنر نفسها.

السطو على أرباح المبدعين

يرى الخبراء أن ارتفاع هذه الكيانات الرقمية العملاقة يتصل مباشرة بسقوط وتراجع الصناعات الإبداعية في الولايات المتحدة، فكل مقطع موسيقي أوأغنية يتم نشرها عبر يوتيوب أو فيسبوك تسلب المبدعين أموالهم.

ويسيطر يوتيوب بشكل خاص على المحتوى غير المرخص. ويمتلك هذا الموقع الشهير التابع لشركة جوجل نحو 55 % من كعكة السوق في مجال البث الصوتي، بينما يقدم نحو 11% من عوائد البث الصوتي لمالكي المحتوى ومبدعيه.

أما الفيسبوك الذي رفض الدخول في أية اتفاقيات ترخيص تختص بالموسيقى أو الفيديو فيتحدى يوتيوب فيما يتعلق بمقاطع الفيديو المجانية عبر الإنترنت وفي عالم الموسيقى.

إعادة توزيع الأرباح

على مدى العقد الفائت، حدث تحول ضخم في إعادة توزيع عوائد الإبداع. ومن ثم ذهبت خمسون مليار دولار في العام الواحد من هذه العوائد إلى جيوب الشركات المحتكرة، بدلا من أن تذهب لجيوب المبدعين أنفسهم.

وتؤكد الإحصاءات التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز هذه الحقائق، فمنذ عام2000 تراجعت عوائد المواد الموسيقية المسجلة في الولايات المتحدة من 19.8 بليون دولار إلى 7.2 بليون دولار سنويا فقط.

أما عائدات الفيديو الخاصة بالترفيه والمشاهدة المنزلية فتراجعت من 24،2 بليون دولار عام 2006 إلى 18 بليون دولار فقط عام 2014، بينما تراجعت عوائد الصحف الأمريكية من الإعلان من 65.8 بليون دولارا عام 2000 إلى 23.6 بليون دولار عام 20133، أي أنها خسرت أكثر من ثلثي قيمتها.

نتائج متناقضة

الغريب أن كل هذا التراجع في العوائد لم يصحبه أو يسبقه تراجع في الاستخدام خلال نفس الفترة ، بل على العكس زاد استهلاك المستخدمين للمواد الموسيقية ومقاطع الفيديو والأخبار والكتب. وليس أدل على ذلك من نمو إيرادات جوجل إلى 74.5 بليون دولار مقارنة باربعمائة مليون دولار فقط سابقا.

لمزيد من الإيضاح أكد آلان روزبريجر رئيس التحرير السابق لصحيفة الجارديان أن الفيسبوك ابتلع نحو 27 مليون دولار من عوائد الإعلانات الرقمية الخاصة بالجريدة في العام الماضي باحتفاظه بجمهور الجريدة عبر الفيسبوك أكثر من ربطهم بموقع الجريدة نفسه.

خوارزميات القوائم

أضاف آلان: ” إنهم يستأثرون بكل المال، فلديهم خوارزميات لا نستطيع فهمها، تعمل هذه الخوارزميات كمصفاة بين ما نقوم به، وبين طريقة استقبال الجمهور له.”

والحقيقة أن المشكلة لا تخص الموسيقيين والمؤلفين وصانعي الأفلام وشركات الهاتف فقط، بل أن تفسير الأمر يكمن في تلك المقولة التي تفوه بها تريستان هاريس المسئول السابق في جوجل عندما قال: إذا نجحت في التحكم في القائمة تستطيع السيطرة على الاختيارات.

الصناديق السوداء

وفي نفس السياق يؤكد الخبراء أن الجميع قد فقدوا حريتهم في الاختيار عندما أعطوا بعض الشبكات والمواقع الكبرى كجوجل والفيسبوك السيطرة على القائمة المتمثلة هنا في ترتيب جوجل للمواقع Google’s search rankings، وترتيب الأخبار في قائمة آخر الأخبار في الفيسبوك Facebook’s Newsfeed .فليس معروفا على وجه الدقة لأي شخص خارج هذه الشركات كيف يت متحديد هذه التراتبية ، بل إن هذه الآليات اشبه بالصناديق السوداء. وكلما زات غلبة الطابع الرقمي على حياتنا. زادت قدرة هذه الخوارزميات الجديدة على التحكم أكثر فينا.

من جانبها لفتت Amy Klobucharعضو مجلس الشيوخ الأمريكي النظر إلى ضرورة الاهتمام أيضا بمواقف شركة ألفابيت وشركة فيسبوك، إلى جانب الاهتمام باندماج أيه تي أند تي وتايم وارنر.

ترامب ولحظة المواجهة

في النهاية يشير الخبراء إلى أن وادي السيليكون يحتاج إلى نظرة أعمق للوصول إلى الاحتكارات الحقيقية والتعرف على المستقبل، فهذا العالم تسيطر عليه قلة من الشركات العملاقة التي تتسيد وادي السليكون.

وربما تحمل ولاية الرئيس الجديد دونالد ترامب مفاجآت كثيرة لهذا العالم الذي لا يبادله ودا بود. فعلى عكس الرئيس اوباما الذي كثيرا ما قام بزيارة وادي السليكون، واستضاف المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا في البيت الأبيض مرات عدة، لم يخفي الرئيس الجديد دونالد ترامب عدائه لهذا الوادي، ووجه لوما قاسيا في كثير من الأحيان لساكنيه. وهو ما ظهر في انتقاده للاندماج المرتقب بين أيه تي أند تي وتايم وارنر، وانتقاده لأبل لاستعانتها بمصادر خارجية عند تصنيع مكونات هواتفها في الصين.

كما هدد ترامب بإضعاف تأمين البرمجيات لتتمكن السلطات من مقاومة الأرهاب ، بل وهدد بالحد من وجود المهاجرين في بلاده ، ولا يخفى على أحد أن صناعة تكنولوجيا المعلومات على وجه التحديد تعتمد على الآلاف من المهندسين المهاجرين، وتكتسب مصداقيتها من التأمين الحقيقي للبرمجيات.

أما عن جوجل نفسها فلم يخفي إيريك شميت الرئيس التنفيذي للشركة الأم تطوعه لصالح حملة المرشحة الرئاسية السابقة المنافسة لترامب هيلاري كلينتيون.كما وقع عشرات من كبار المديرين التنفيذين لشركات التقنية على رسالة مفتوحة يعارضون فيها ترشيح ترامب.

مع ذلك ومع وجود من يشيرون إلى دق طبول الحرب، فإن ترامب وفريقه الانتقالي قرروا التقارب مع قادة التقنية لإذابة الجليد بين الطرفين ورفع أغصان الزيتون، لكن الشركات الأمريكية في هذا القطاع لازالت قلقة من السياسات التي سبق وأن أعلن عنها الرئيس الجديد أثناء حملته الانتخابية، وإن كانت تأمل أن تستطيع إقناعه بتخفيض قيمة الضرائب المستحقة على أنشطتها. وستكشف الشهور القادمة الكثير عن علاقة هذين الطرفين المتحفزين، وستظل نصال السيوف في أغمادها حتى حين

اقرا ايضا

اورنچ مصر تُعلن عن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس (5G) في مصر

أعلنت شركة اورنچ مصر عن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس (5G) في السوق المصري، بعد …

تعليقات فيسبوك