اختُتمت الدورة السادسة عشرة من القمة العالمية لطاقة المستقبل، الملتقى السنوي الأبرز في مجال الطاقة المستقبلية والاستدامة، والتي تستضيفها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، حيث استقطب مركز أبوظبي الوطني للمعارض أبرز خبراء الاستدامة والطاقة والنقل والتخطيط الحضري لمناقشة الخطط والحلول المستقبلية في ميادين التنقل الكهربائي والمدن الذكية.
وقد تمّ تمديد ساعات عمل اليوم الأخير من القمة بعد عودة الظروف الجوية المواتية تلبيةً للإقبال الكبير من قبل الزوار، ليجسّد الجو المشرق في العاصمة الإماراتية مساعي القمة الرامية إلى تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً. وبعد أن تناولت القمة في اليومين الماضيين مواضيع التمويل الأخضر والحدّ من تجاوز درجات الحرارة عتبة 1.5 درجة مئوية، كان التركيز في اليوم الختامي على التنقل الكهربائي والمدن الذكية.
وبحثت جلسات منتدى التنقل الكهربائي الخطط الكفيلة بالاستعداد لاعتماد النقل الذاتي من خلال تطوير تصميم المدن بشكل مختلف وتعزيز مرونة البنية التحتية، مع التركيز على أهمية التعاون بين الجهات المعنية في جميع مستويات قطاع النقل الأخضر.
وسلّط المنتدى الضوء على جهود الإمارات العربية المتحدة لرفع نسبة مبيعاتها من مركبات الطاقة الجديدة إلى 50% من إجمالي مبيعات السيارات بحلول عام 2030. وشهدت أولى جلسات المنتدى عرضاً تقديمياً يستعرض ريادة دولة الإمارات لحركة المركبات الجوية ذاتية القيادة على مستوى العالم، حيث تُجري دبي وأبوظبي اختبارات اليوم تمهيداً لمسارات جوية مخصصة للجيل القادم من حلول النقل الجوي المستقل.
في عرض تقديمي خاص حول دعم إمكانات الاستثمار لتوسيع نطاق النقل الكهربائي، أوضحت نافين أحمد، المستشارة ومنسقة المعاملات في الشبكة الاستشارية للتمويل الخاص في باكستان، كيف تمنح باكستان التي تمتلك ثاني أكبر شبكة طرق في العالم الأولوية لاعتماد السيارات الكهربائية لتخفيف التلوث والمخاوف المناخية، فضلاً عن الحد من تأثير أسعار النفط على اقتصاد البلاد.
من جهةٍ أخرى في منتدى المدن الذكية، أوضح كريس وان، نائب مدير إدارة الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية المؤسسية في مدينة مصدر، أهمية تمحور التخطيط المستدام حول الإنسان أولاً قبل البدء بتطوير التصاميم والبنية التحتية والوظائف للمدن والمجتمعات المستقبلية.
وقال وان: “تبذل مصدر، بصفتها شركة استثمارية، قصارى جهودها فيما يتعلق بالتخطيط الحضري المستدام بما يثبت الجدوى الاقتصادية للاستدامة البيئية، إذا لا يمكن الحث على تغيير آليات التفكير والتشجيع على الاستثمار مع وجود احتمال لخسارة المال”. وفي إشارة إلى كيفية مساهمة علوم البناء في تحقيق فوائد صحية للمقيمين والشركات، أضاف وان: “لدينا أجهزة استشعار لثاني أكسيد الكربون في مبانينا، ونقوم بتنظيم الهواء النقي في أماكن العمل والمناطق العامة. كما نوفر ابتكارات أخرى، مثل ألواح النوافذ المضادة للتوهج، وقد كانت ردود فعل المقيمين إيجابية مؤكدين شعورهم بمزيدٍ من النشاط وبقدرٍ أقلّ من الصداع بسبب انخفاض الوهج، فضلاً عن عدم الإحساس بالخمول بعد الغداء بنفس القدر، مما يؤدي بالمجمل إلى زيادة رفاهية الموظفين وتحسين الإنتاجية وبالتالي تحقيق عوائد أكبر مع هذه الفوائد”.
وعلى صعيد آخر، تمّ الإعلان عن مشروع جديد رائد في مجال الطاقة النظيفة والعمل المناخي بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التحول الأخضر، والذي كشف عن إنشاء منصة مشتركة لتبادل أفضل الممارسات والخبرات بين الجهات الفاعلة في الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز اعتماد السياسات والتقنيات التي تدعم التحول الأخضر في منطقة الخليج، وتحفيز بيئة الأعمال التعاونية بين شركات التكنولوجيا الخضراء في الاتحاد الأوروبي ونظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتعدّ هذه خطوة سباقة على صعيد التحول العالمي نحو مستقبل الطاقة النظيفة، مما يمثل التزاماً هاماً يدفع المجتمع الدولي لتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة وازدهاراً.
واشتمل الإعلان عن المشروع على كلمات رئيسية ألقتها سعادة لوسي بيرغر، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ إلى جانب لوكاس كولينسكي، رئيس وحدة الطاقة المتجددة وتكامل أنظمة الطاقة في المفوضية الأوروبية؛ وطارق أحمد، مسؤول البرامج الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “إيرينا”، الذين أكدوا على أهمية التعاون الدولي لمواجهة تحديات الاستدامة العالمية.
وتعليقاً على الموضوع، قال أحمد: “أعتقد أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التحول الأخضر يأتي في الوقت المناسب، ليجسّد مبادرة هامة لتمكين حلول الطاقة المتجددة وتشجيع التعاون الإقليمي. ويُشكّل المشروع نقطة تحول نحو تحقيق مستقبل مستدام في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والعالم في نهاية المطاف”.
واحتضنت نسخة هذا العام من القمة عدداً من المناطق المخصصة لدعم الابتكار والشركات الناشئة، إلى جانب منطقة مخصصة لمبادرة ملتقى “تبادل الابتكارات بمجال المناخ – كليكس”، والتي تدعم 22 من الشركات الناشئة التي أسستها أو تقودها وتديرها سيدات إلى جانب مشاريع صغيرة ومتوسطة، حيث يمكنها استعراض منتجاتها وحلولها الثورية أمام المعنيين في القطاع على نطاقٍ أوسع.
وأعربت سوزان باين، الرئيس التنفيذي للعمليات لشركة سوستانبل بلانت، عن سعادتها بالعودة إلى أبوظبي، حيث تشارك شركتها المتخصصة في تكنولوجيا الأغذية الزراعية في الدورة السادسة عشر من القمة.
وفي منطقة الابتكار التابعة لشركة مصدر، استعرضت عشرات الشركات الناشئة مجموعة متنوعة من المنتجات والحلول الرائدة التي تركز على الاستدامة، وتسلط شركة فود تو فيرتلايزر التي تتخذ من الإمارات مقراً لها الضوء على مجموعة من الآلات المخصصة التي تستخدم تكنولوجيا التجفيف الحاصلة على براءة اختراع لتحويل نفايات المواد الغذائية وغيرها من المواد العضوية إلى أسمدة غنية بالمغذيات.
وفي حين يهدر العالم ثلث إجمالي الأغذية المنتجة، تستفيد فود تو فيرتلايزر من القمة العالمية لطاقة المستقبل للبحث عن الاستثمار في عملية تصنيع أولية لمنتجها الجديد “فود سايكلر”، وهو وحدة صديقة للمستهلك مخصصة للاستخدام المنزلي أو السكني.
وفي حديثها في اليوم الأخير من الفعالية، قالت لين السباعي، المديرة العامة لشركة آر إكس الشرق الأوسط ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل: “تصدّرت النقاشات المتمحورة حول آلية الوفاء بتعهدات كوب 28 بما فيها مساعي الحدّ من تجاوز درجات الحرارة عتبة 1.5 درجة مئوية النقاشات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وشهدنا إبرام بعض الشراكات الهامة في هذه الفعالية التي ستدعم رحلة العالم نحو مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وما بعده. وأودّ أن أشكر جميع الجهات الفاعلة في القطاع لقاء جهودها الكبيرة هذا الأسبوع، خصيصاً في ظلّ الظروف الجوية غير المسبوقة التي شهدتها جميع أرجاء الدولة. ويسعدنا الكشف عن زيادة نسبة المشاركة الدولية بنسبة 55% مقارنة بالعام الماضي، كما زاد عدد المتحدثين ليصل إلى أكثر من 350 متحدثاً، مما يسلط الضوء على أهمية تنوع المنتديات الموسعة هذا العام”.