دبي – نشرت “آرثر دي ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، نتائج دراستها الأخيرة التي سلطت فيها الضوء على التحولات الكبيرة والحاسمة التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط من خلال التوجه المتزايد نحو اعتماد نهج التحول القائم على البيانات.
وتستكشف الدراسة الجديدة التي حملت عنوان “الرعاية الصحية القائمة على البيانات: تحليل العوامل التي تقود التحول في القطاع” أبرز الاتجاهات التقنية الناشئة في القطاع بما في ذلك المسائل المتعلقة بزيادة التركيز على جمع البيانات للارتقاء بمستوى خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
وتوفر الدراسة أيضاً رؤى متعمقة حول العوامل الكامنة وراء التحول الحالي القائم على البيانات في قطاع الرعاية الصحية وكيف يمكن للتقنيات الناشئة والمتطورة المساهمة في إحداث تحولات إيجابية على مستوى القطاع خلال العقد المقبل.
وأوضحت “آرثر دي ليتل” في دراستها أهمية التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية باعتباره أداة رئيسة لتحسين معايير الجودة والكفاءة وتمكين الجميع من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية على نحو سلس.
علاوة على ذلك، تتوقع الدراسة أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تعزيز مرونة العمليات السريرية في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، مما يؤدي في النهاية إلى أتمتة عمليات صنع القرار مع الاتجاه المتزايد نحو تبني واعتماد التقنيات الحديثة.
قال فيكاس كارباندا، شريك ومسؤول قطاع الرعاية الصحية في “آرثر دي ليتل” الشرق الأوسط: “بالنظر إلى ما تحمله السنوات القادمة، من الواضح جداً حجم التأثير الذي تحدثه التقنيات الناشئة والمتطورة عبر مختلف القطاعات والمجالات. ونظراً للفوائد والإيجابيات التي تقدمها هذه التقنيات، فإن اعتمد نهج التحول القائم على البيانات يشكل الخطوة الأولى نحو تعزيز ودفع تطور قطاع الرعاية الصحية في المنطقة. وتنطوي البيانات الضخمة على أهمية خاصة بالنسبة لمؤسسات ومراكز الرعاية الصحية بفضل المزايا والفوائد المتعددة الأوجه والمستويات، بما في ذلك المساعدة في إجراء عمليات توظيف أكثر دقة وتقديم خدمات علاجية موحدة إضافة إلى تقليل الأخطاء المتعلقة بصرف الأدوية، مما يسهم في وضع معايير جديدة للممارسات الطبية الحالية. ويمكن لمؤسسات الرعاية الصحية التي لا تزال في المراحل الأولى من رحلاتها نحو اعتماد منهجية التحول القائم على البيانات أن تستلهم من النجاحات المختلفة التي حققتها العديد من المسشتفيات ومراكز الرعاية الصحية في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
ويشكّل مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي أحد هذه الأمثلة الناجحة، حيث أصبح أول مستشفى في دولة الإمارات العربية المتحدة يحرز المرحلة السابعة من نموذج اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية التابع لجمعية أنظمة المعلومات والإدارة للرعاية الصحية (HIMSS).
ويقيس هذا النموذج التحليلات الخاصة بالمستشفيات ويساعد على تطويرها، حيث تمثل المرحلة 7 المستوى الأكثر تطوراً من نموذج السجلات الطبية ويمكن فقط لمؤسسات الرعاية الصحية التي تمتلك قدرات تحليلية قوية وتعمل على تسخير وتوظيف التقنيات الهادفة والمفيدة تحقيق هذا المستوى.
وقد تمكن مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي من إنشاء ثقافة قائمة على البيانات لتقديم خدمات رعاية صحية أفضل للمرضى فضلاً عن اعتماد أحدث حلول تقنية المعلومات وأكثرها تطوراً لتحسين العمليات. على سبيل المثال، استفاد المستشفى من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة لتعزيز خدمات الرعاية المقدمة للمرضى وتقديم الدعم للأطباء خلال جائحة كوفيد – 19.
وفي المملكة العربية السعودية، يُعد مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون (KKESH) واحداً من أربعة مستشفيات على مستوى المملكة إنجزت متطلبات المرحلة السابعة من نموذج اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية التابع لجمعية أنظمة المعلومات والإدارة للرعاية الصحية (HIMSS). ومن خلال مبادراته الرقمية الناجحة، يقوم مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون حالياً بتحليل البيانات الطبية لتعزيز كفاءة اتخاذ القرارات وتسهيل العمليات. إضافة إلى ذلك، تمكن المستشفى من رقمنة السجلات الطبية والخدمات السريرية بالكامل[3].
وتابع كارباندا: “تُعد العديد من المستشفيات في الشرق الأوسط رائدة في مجال الرعاية الصحية القائمة على البيانات، وقد قدمت نجاحات وأمثلة مميزة يمكن للآخرين محاكاتها. ولكن بالرغم من كل هذه النجاحات، من المهم للغاية بالنسبة للمستشفيات أن تدرك أن التركيز على تبني التقنيات الجديدة فقط لن يكون كافياً لتحقيق التحول المنشود الذي تسعى إليه”.
ومن الاستنتاجات الرئيسة الأخرى التي خلُصت إليها دراسة “آرثر دي ليتل” أن المحركات الثمانية التي تم تحديدها لتبني نهج الرعاية الصحية القائم على البيانات يمكن أن تسفر عن نتائج إيجابية وسلبية. وأوضحت بالتفصيل كيف توفر الاتجاهات التكنولوجية الناشئة أساساً قوياً للجيل القادم من الابتكارات، كما حددت الدراسة التحديات التي يمكن أن تواجه مؤسسات الرعاية الصحية خلال عملية تحقيق الاستفادة القصوى من البيانات وجعلها قابلة للتنفيذ ومتاحة وقابلة للتشغيل البيني. وتشكل عملية التأكد من أمن البيانات وتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتوظيف المنظومات الرقمية وإطلاق برامج تطوير المهارات من بين الركائز الأساسية للنجاح في هذه المهمة، هذا بالإضافة إلى مراعاة مشاركة المريض والمسائل المتعلقة بإدارة التغيير في قطاع الرعاية الصحية.
ومن جهته اختتم الدكتور باتريك لينينبانك، مستشار أول في “آرثر دي ليتل” الشرق الأوسط: “من الواضح للجميع أن ثورة التحولات التي يشهدها قطاع خدمات الرعاية الصحية لا تزال في البدايات فقط، وسيعتمد النجاح في خلق القيمة على الكميات الهائلة من البيانات التي يتم معالجتها والتأكد من حمايتها في سبيل التغلب على التحديات المحتملة على نحو أسرع مما كان ممكناً في السابق. ومع ذلك، فإن التقدم الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة وحلول الحوسبة السحابية يشكل حافزاً يدعو للتفاؤل على نطاق واسع عبر القطاع. وعلى الرغم من وجود العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها خلال رحلة التحول القائم على البيانات، إلا أن هناك فرصاً كبيرة يمكن استثمارها لخلق المزيد من القيمة، ويشكل العقد القادم مرحلة مليئة بالإمكانيات للمؤسسات العاملة عبر قطاع الرعاية الصحية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط”.