كشف التقرير السنوي الأول لمؤشر نضج الذكاء الاصطناعي، الصادر عن “سيرفس ناو” منصة الذكاء الاصطناعي لدعم تحوّل قطاع الأعمال، بأن الذكاء الاصطناعي بات يشكل محورًا أساسيًا لتعزيز كفاءة الأعمال وتحقيق التحول الرقمي في المؤسسات والشركات داخل المملكة العربية السعودية.
وبينت الدراسة بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على تحسين الإنتاجية فحسب، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في تطور العمليات التجارية للشركات في المملكة.
وأظهرت نتائج الاستطلاع بأن 85% من قادة الأعمال في المملكة ممن شملهم الاستبيان، أكدوا على دعم القيادات التنفيذية العليا لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك ما يسهم بشكل فعال في تسريع وتيرة التحول الرقمي داخل شركاتهم.
كما أدلى 79% من المشاركين بأصواتهم بالإيجاب حول امتلاكهم لرؤية إستراتيجية موحدة للذكاء الاصطناعي، تركز على تحقيق تحول مؤسسي شامل. علاوة على أن 27% من الشركات السعودية تتبنى نهجًا قياديًا متخصصًا، من خلال ابتكار مناصب جديدة مثل “رئيس قسم الذكاء الاصطناعي”، لضمان التنفيذ الأمثل للإستراتيجيات وتحقيق أهداف التحول التقني الذكي بفعالية ونجاح.
وكشفت الدراسة التي أُجريت بالتعاون مع شركة “أوكسفورد إكونوميكس“- الرائدة في مجال التحليل الاقتصادي المعتمد على البيانات -، عن رؤى الشركات السعودية حول تقييم نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث أظهرت الدراسة أن “زيادة الإنتاجية” تمثل المؤشر الرئيس لقياس فعالية هذه التطبيقات.
كما أبرزت اعتماد الشركات السعودية على الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية، بما في ذلك تنظيف البيانات وتنظيمها بنسبة 47%، بينما سجل استخدام الدردشة الآلية لتحسين التفاعل مع العملاء نسبة 46%، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى في مجالات تخصيص الموارد بنسبة (14%)، إدارة الأداء (04%)، واستقطاب العملاء المحتملين (04%).
وفيما يتعلق بالنتائج، أوضحت الدراسة أن 56% من الشركات السعودية أشارت إلى تحقيق نتائج إيجابية لاستثماراتها في الذكاء الاصطناعي، مع تحسّن واضح في الكفاءة والإنتاجية، بينما ذكرت 42% منها بأن العائد على الاستثمار تجاوز نسبة 51%، مما يعكس الإمكانات الكبيرة لهذه التقنية في تعزيز الأداء المؤسسي.
وفي هذا الصدد، قال المهندس سيف مشّاط، نائب رئيس المنطقة لشركة “سيرفس ناو” بالمملكة العربية السعودية: ” يعد مؤشر نضج الذكاء الاصطناعي، أداة إستراتيجية بالغة الأهمية تسلط الضوء على كيفية تمكن الشركات من تعزيز ريادتها في عصر التحولات الرقمية. النتائج التي كشف عنها هذا المؤشر تؤكد أن الشركات السعودية بدأت تكرس جهودها لتبني الذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من إستراتيجياتها، وهو ما يعكس التزام المملكة العميق بالتحول الرقمي. هذه النتائج تؤكد أن هناك تقدمًا ملحوظًا نحو الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع وجود تفاوت في مستويات النضج بين الشركات. لكن الأهم من ذلك بأن الشركات التي بدأت في تبني هذه التقنيات المبكرة أصبحت تبرز اليوم كقائد ومحرك للتغيير والابتكار. عمل هذه الشركات على تطوير مهارات كوادرها البشرية على تقنيات الذكاء الاصطناعي، تزيد من قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة وتوسيع آفاق النمو المستدام وهو ما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى جعل المملكة مركزًا رائدًا في التكنولوجيا والابتكار. هذه الدراسة تثبت أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتطوير الكفاءات البشرية اللازمة لتنفيذ هذه الإستراتيجيات هو الطريق الفعّال لتحقيق مستقبل رقمي مستدام ومزدهر.”
تُظهر الدراسة نتائج لافتة تشير إلى أن الشركات السعودية تحقق عوائد ملموسة على استثماراتها في الذكاء الاصطناعي حتى في مراحلها المبكرة. في حين أن جميع الشركات والمؤسسات التي شملها الاستطلاع تمتلك بعض القدرات في الذكاء الاصطناعي، إلا أن 17% فقط من الشركات السعودية قد وصلت إلى مرحلة الابتكار والتحول الفعلي باستخدام هذه التقنيات. أما الشركات الأخرى، تتفاوت في تبني الذكاء الاصطناعي، حيث تتوزع بين 13% في مرحلة التقييم، و43% في مرحلة التجريب، و27% في مرحلة التشغيل الفعلي. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات الإقليمية أيضًا تحقق نتائج ملموسة من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي حتى قبل الوصول إلى مراحل نضج متقدمة في هذا المجال.
رغم ذلك، من المتوقع أن يشهد منحنى نضج الذكاء الاصطناعي تقدمًا وتسارعًا ملحوظًا في المملكة بفضل الركائز الأساسية التي كشفت عنها الدراسة. حيث أشار 85% من قادة الشركات التنفيذية إلى دعمهم لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأفاد 79% منهم بأنهم يعملون وفق رؤية مشتركة وواضحة. كما أن 57% من الشركات السعودية تمتلك المهارات والمواهب اللازمة لتنفيذ إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي بفعالية. علاوة على ذلك، تمكنت 77% من هذه الشركات من بناء ثقافة عمل تشجع الفرق على حصر التحديات واقتراح حلول مبتكرة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق، تُنظم 16% من الشركات فعاليات تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، بينما بادرت 62% منها بتطوير برامج تدريبية لتأهيل موظفيها وتطوير مهاراتهم في هذا المجال.
الجدير بالذكر، أن مؤشر “سيرفس ناو” لقياس نضج الذكاء الاصطناعي يعتمد على خمس ركائز أساسية لقياس مدى نضج هذه التقنية في المؤسسات، وهي: إستراتيجية الذكاء الاصطناعي والقيادة، وتكامل سير العمل، وتطوير المهارات والقوى العاملة، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، وتحقيق القيمة. وقد شارك في هذه الدراسة 4500 مديرًا تنفيذيًا يمثلون مؤسسات رائدة من 21 دولة حول العالم. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يقدم هذا المؤشر إطارًا شاملًا لفهم كيفية تطبيق هذه التقنية بفعالية ودفعها نحو مستقبل رقمي مبتكر.