في شهد ختام فعاليات اليوم الثاني لأعمال “منتدى دبي للمستقبل 2024“؛ الذي استضاف أكثر من 150 متحدثاً من دولة الإمارات والعالم، تناول الخبراء في ثلاث جلسات محورية موضوعات حيوية تعمقت في كيفية استشراف المستقبل وفي عوامل تقييم نجاح استراتيجياته، بالإضافة إلى بحث تحولات وآفاق وفرص المتاحف مستقبلاً.
وشهدت فعاليات المنتدى إطلاق جاي أوجليفي الشريك المؤسس لـ “جلوبال بيزنس” كتابه “جدول العناصر”، والذي يصمم فيه جدولاً تتقاطع فيه تطور الحضارة البشرية والحياة البشرية بمختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية مع القيم الإنسانية المطلوبة لاستمرار مسار التقدم الإنساني في مختلف المجالات وبناء المستقبل المنشود الذي يتطلع إليه.
استشراف المستقبل
وفي جلسة نقاشية بعنوان “رؤى متعمقة حول استشراف المستقبل” بمشاركة بول سافو، خبير استشراف المستقبل في سافو للاستشارات، وجاي أوجيلفي، الشريك المؤسس لشركة جلوبال بيزنس، قال أوجيلفي: “طرأت العديد من التغيرات على طبيعة ومواضيع الدراسات المستقبلية عبر السنوات. ففي الماضي، كانت دراسات المستقبل تستهدف رسم صورة متخيلة للمستقبل بكل تفاصيله. أما اليوم، أصبحت دراسات المستقبل هي كيفية صناعته وليس انتظاره. فعوضاً عن التكهن بما يحمله المستقبل، أصبحنا اليوم نعمل لفك رموز متغيراته والبدء بصناعة مستقبلنا”.
وأضاف: “لسنوات عديدة، طورنا سيناريوهات تحمل بعض التشاؤم بالمستقبل، لكن المشكلة أن المجتمعات تود التعرف أكثر على النقاط الإيجابية والبناء عليها وصولاً إلى مستقبل أفضل. فتأثير السيناريوهات الإيجابية حول المستقبل هو تحفيز الأفراد والمجتمعات ووضع الخطوط العريضة لهم لإبداء الفعل والمساهمة في عملية البناء نحو هذا المستقبل بما يحمله من فرص من دون إغفال التحديات”.
عوامل النجاح
وبحثت جلسة “ما هي علامات نجاح استراتيجيتك لاستشراف المستقبل؟” العوامل الرئيسية المؤثرة في تصميم استراتيجيات مثمرة في مجال تصور وتصميم المستقبل، وذلك بمشاركة كلٍ من جينيفر بريس، كبيرة مستشرفي المستقبل لدى شركة فورد موتور، وماري كارولين داربون، رئيسة الاستشراف الاستراتيجي والمستقبلي لدى “لوريال”، وميلاني سوبين، المدير الإداري لمعهد “المستقبل اليوم”، وحاورتهن مي كويرين الرئيسة التنفيذية لـ “إنسايت فاكتوري”.
وقالت ميلاني سوبين: “أكثر طريقة ناجعة لاستشراف المستقبل بالنسبة للمؤسسات هو وضع استراتيجيات ترتكز على الواقع والبيانات. وهذا عائد إلى أن أهمية استشراف المستقبل لا تقف عند فئة معينة، بل هي مهمة لكافة العاملين في المؤسسة من القيادات إلى العاملين والمهندسين وبقية الموظفين المسؤولين عن الأعمال اليومية”.
وأضافت: “لا بد من إجراء حوارات وفتح القنوات مع كل العاملين بالشركة لتعريفهم بدورنا، ولتوضيح العوائد الإيجابية على أعمالهم”.
أما ماري كارولين داربون، فقالت: “منذ أن قررنا إنشاء وحدة لدراسة المستقبل في الشركة، بدأنا نقود اجتماعات متعددة ومطولة مع أقسام الشركة المتنوعة، ومن ثم، وبالارتكاز على المعطيات التي يزودونا بها نبدأ عملنا في إجراء البحث والدراسة لاستشراف المستقبل. ولا يمكن أن نجني ثمار الاستشراف بشكل فوري”.
من جهتها، قالت جينيفر بريس: “المستقبل لا يمكن استشرافه من دون الإحاطة بزوايا متعددة له. ومن المهم جداً لاستشراف المستقبل في الشركات إشراك كافة الأقسام والعاملين فيها لوضع تصوراتهم وتحديد التحديات في أعمالهم، لتكوين صورة شاملة عما يمكن أن نبدأ دراستنا حوله”.
مهمة جديدة
بدوره، أكد ماجد المنصوري، المدير التنفيذي لمتحف المستقبل، في الجلسة الرئيسية الختامية لفعاليات “منتدى دبي للمستقبل 2024” على أهمية تجديد دور المتاحف واضطلاعها بمهام جديدة مبتكرة ومطلوبة والمساهمة في رسم تصورات مستقبلية مدروسة، منوهاً بدور متحف المستقبل بدبي كمنصة عالمية جامعة لخبراء ومؤسسات استشراف المستقبل لتصور وتصميم فرصه.
ولفت المنصوري، في الجلسة التي انعقدت بعنوان “مستقبل المتحف”، بمشاركة كلٍ من رفيق أناضول، الفنان والمخرج الإبداعي، وهيو فورست، الرئيس المشارك والرئيس التنفيذي للبرامج لدى مؤسسة “ساوث باي ساوث ويست”، وبنديتا جيوني، المديرة التنفيذية لـ “آرت دبي”، إلى الإمكانات المتاحة مستقبلاً أمام المتاحف لتنضم إلى جهود المؤسسات المعنية بتصميم مستقبل البشرية.
وقال المنصوري: “عملنا في المتحف لا يتمحور حول استعراض ما تم إنجازه في البشرية، بل تصميم تجربة فريدة تضع الزائر في سياق مستقبلي يحفزه ويحرك فيه مهارة الابتكار وإيجاد الفرص المستقبلية التي تستفيد منها البشرية جمعاء”.
واستعرض المنصوري خلال الجلسة المزايا الفريدة لمتحف المستقبل وتصميمه المميز الذي يستهدف تفعيل دور الفرد في صناعة المستقبل المشرق للإنسان أساساً، ويأخذ الزائر في رحلة ذات تجارب متعددة ومصممة بعناية لإرسال رسالة واحدة هي أن المستقبل المشرق ممكن، ويبدأ من دور الإنسان في صناعته. كما يؤكد المتحف عبر كل مفاصله أن التكنولوجيا ليست هي المستقبل، بل هي الممكّن والعامل المساعد في صناعته.
من جهته، قال رفيق أناضول: “العمارة على سبيل المثال لا تتلخص في مجموعة حجارة موضوعة مع بعضها، لكنها تحمل بين طياتها قصص وفلسفة وتصورات. وخلال السنوات العشر الماضية، بدأنا بالعمل على تحديد دور التكنولوجيا المتقدمة في الحركة الفنية في العالم وأثرها على حياة الإنسان، وأتطلع إلى مستقبل يحمل الكثير من الفرص التي لا نزال نعمل على تحديدها وكشفها والاستفادة منها”.
أما هيو فورست، فقال: “في ساوث باي ساوث ويست، نعمل على تغطية الجهود الإبداعية العالمية لإيجاد منصات جديدة ومشاريع مبتكرة ومقاربات غير مسبوقة لتقديم منتجات فنية عصرية للعالم بأسره. نحن نحتفل بهذه الإبداعات ونقدمها للعالم من خلال منصتنا التي تتيح التفاعل بحرية وإبداع”.
واختتم منتدى دبي للمستقبل فعالياته لهذا العام بكلمة قدمها عبدالعزيز الجزيري، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، أبرز خلالها المواضيع التي نوقشت خلال المنتدى، وأهمية التجمع العالمي الأكبر لخبراء ومؤسسات تصميم المستقبل كمنصة دولية لمتخصصين، وأكاديميين، ومهتمين بالمستقبل لتبادل المعرفة والأفكار والخبرات.
وقال الجزيري: “خلال يومي المنتدى، تخطينا حدود المكان الذي نجتمع وأخذتنا الحوارات المتعددة والفعاليات المصاحبة إلى موضوعات لا حصر لها ؛من الاستثمار إلى الدبلوماسية إلى الابتكار وريادة الأعمال والطب والهندسة ومواضيع أخرى صبت كلها في مصلحة تحقيق هدف واحد هو الإجابة على سؤال المستقبل وأثره على حياة الإنسان”.