بهدف الكشف عن احتياجات الطلاب ودوافعهم التعليمية، قامت مؤسسة ماجنيفاي فينتشرز، وهي شركة ناشئة معنية بالتعليم عن بعد عبر الانترنت ومقرها لندن، المملكة المتحدة، باجراء بحثا أدارته شركة إبسوس، وهي شركة متخصصة في الأبحاث المعنية بالآراء والأسوق العالمية، تم في إطاره إجراء مقابلات مع 5600 طالبًا في مجال الأسواق الناشئة التي تضمنت أسواق مصر ونيجيريا والفلبين والهند والصين وباكستان، وبالإضافة إلى ذلك أجريت مقابلات مع 120 عضوًا من أعضاء الجامعات و30 مديرًا من مديري الموارد البشرية في كبرى الشركات.
وعند سؤال المشاركين في الدراسة عن دوافعهم الأساسية للالتحاق بالجامعة، أجاب 9 من أصل 10 أفراد (91%) أن دوافعهم تتمثل في ضمان فرصة عمل، حيث أنهم يعتقدون أن تلك الخطوة تمثل نقطة الانطلاق في طريق النجاح المهني. ومع ذلك، فعند السؤال عما إذا كان الهدف الأساسي من التعليم الجامعي يكمن في إعداد الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل، لم يتفق مع هذا الرأي سوى الثلث فقط (33%) من أعضاء الجامعات.
ولتكوين صورة كاملة وفهم وجهة نظر أصحاب العمل، تم أيضاً سؤال مسؤولي الموارد البشرية بالشركات الكبرى المشاركة في الدراسة عن حجم الميزانية التي تخصصها تلك الشركات للتدريب؛ وقد أجاب حوالي 9 من أصل 10 أفراد (87%) أن شركاتهم كان عليها أن تستثمر في تدريب حديثي التخرج بقدر أكبر مما كانوا يفعلوا منذ خمس سنوات، مما يدل على أن الفجوة بين ما يبحث عنه أصحاب العمل وما يمكن للطلاب أن يقدموه بعد تخرجهم من الجامعة، آخذةً في الاتساع.
لم تكتف النتائج باظهار كم أن الطلاب يعقدون آمالاً غالباً ما لا تتحقق، بل أظهرت الأهم وهو الفجوة الهائلة بين توقعات الطلاب، وما تمنحه الجامعات، ومتطلبات التعيين بالشركات. إن التقدير الجامعي لم يعد نقطة انطلاق أتوماتيكية لتأمين وظيفة هامة ومجزية بشكل تلقائي. عند سؤال الطلاب من الفلبين عن أهم الاعتبارات التي يضعونها نصب أعينهم عند اختيارهم للجامعة التي سيلتحقون بها، أجابوا بأن مدة الدراسة تمثل عاملاً شديد الأهمية حيث أنهم يرغبون في انهاء دراستهم الجامعية بأسرع وقت ممكن.
كما أظهرت الاعتبارات الثلاث التي احتلت رأس القائمة أيضًا أن الطلاب شديدي الحرص على إضافة الخبرة العملية أو الدراسة الإضافية التكميلية لشهادتهم الجامعية الأساسية.
وتعلق كرستين دوجاي، إحدى كبار الاستشاريين بشركة إبسوس على هذه النقطة بقولها:”هناك إقبال كبير من الموظفين المحترفين المنهمكين في وظائفهم في الفلبين وكذلك العمالة الفلبينية بالخارج على دراسات التعليم العالي عبر الإنترنت؛ 70% على الأقل من الطلاب الجامعين الذين يدرسونعبر الإنترنت رغبة منهم في الحصول على شهادات الدراسات العليا يعملون بنظام الدوام الكامل”.
وبالنظر إلى التوقعات العالية والتضحيات المالية المرتبطة بالتعليم العالي، فإن سد تلك الفجوة أمر بالغ الأهمية. لقد حققت “مووكس” MOOCs (الدورات الدراسية المفتوحة عبر الإنترنت)، وغيرها من الجهات القائمة على توفير التعليم البديل تقدمُا كبيرُا مدعومًا بشهادات مبتكرة مما يبشربأنها بدأت في سد تلك الفجوة. وعلى النقيض من ذلك، فقد أنشأت معظم الجامعات نسخًا إليكترونية من برامجها الدراسية الحالية لتتم دراستها عبر الإنترنت، لا تحدث تغييراً حقيقيًا في طريق تهيئة الموظف بشكل أفضل لسوق العمل.
وفي ضوء تلك الحقائق، ما مدى احتمالية أن يحل التعليم البديل يومًا ما محل التعليم الجامعي؟ إن التعليم عبر الإنترنت لديه القدرة على معالجة بعض المخاوف المتعلقة بعائد الاستثمار والقدرة على تحمل التكاليف، كما أنه يتيح للطلاب المزيد من المرونة التي تتيح لهم فرصة العمل أثناء الدراسة – ولكن هل يكفي ذلك لسد الفجوة؟ هل الأمر الآن متروك للطلاب لإيجاد السبيل لسد تلك الفجوة بأنفسهم؟
من جانبه يعلق فضل الطرزي رائد الأعمال المصري ذو العشر سنوات خبرة في مجال الصناعة الرقمية والشريك الإداري لشركة “ماجنيفاي فينتشرز”، قائلا: “هناك تعارض واضح بين المفهوم الأساسي للبائع والمفهوم الأساسي للمشتري في قطاع التعليم. ولو اعتمدنا على مفاهيم ومعلومات قطاعات أخرى كالقطاع المصرفي أو الاتصالات، لأمكننا أن نخلص إلى أن مستويات التوتر الحالية ستؤدي حتمًا إلى اضطراب السوق. إن منظومة التعليم العالي العالمية بداية من الأسواق المتقدمة وصولاً للأسواق الناشئة، بشكلها الحالي، غير قادرة على الوصول للاستقرار والاستدامة”.