حوّلت أيمن شودري حبّها للقراءة إلى لقمة عيش عبر تيك توك حيث نشرت مقتطفات فيديو عن كتب مثل تلك المحظورة في المدارس الموجودة في المناطق المحافظة للغاية في الولايات المتحدة. الآن، باتت المنصة الإلكترونية التي تعتمد عليها لدعم أسرتها على وشك أن تُحظر، الأمر الذي يدينه رواد الأعمال الذين يستخدمون تيك توك، معتبرين أنّه هجوم على سبل عيشهم.
تقول الشابة البالغة من العمر 23 عاماً والمقيمة في شيكاغو، “إنّه أمر ضروري للغاية للشركات الصغيرة ولمصمّمي المحتوى، إنّها وظيفتي بدوام كامل”. وتضيف “هذا الأمر يُشعرني بالقلق لأنّني أعيش في بلد قد يُصدر مثل هذا الحظر، بدلاً من التركيز على ما هو مهم مثل السيطرة على الأسلحة والرعاية الصحية والتعليم”.
منح قانون أميركي جديد عملاق التكنولوجيا الصيني “بايتدانس” (ByteDance) الشركة الأم لتيك توك، مهلة تسعة أشهر للتخلّي عن منصة الفيديو ذات الشعبية الكبيرة في الولايات المتحدة وإلّا سيتم حظرها.
واعتبر المشرّعون الأميركيون أنّه يمكن للحكومة الصينية استخدام تيك توك للقيام بأعمال تجسّس ودعاية، طالما أنّ هذا التطبيق مملوك من شركة “بايتدنس”.
غير أنّ المتحدث باسم تطبيق الفيديو الترفيهي الشهير الذي يستخدمه 170 مليون أميركي، أكد أنّ هذا “سيكون له تأثير مدمّر على 7 ملايين شركة”.
فقد تحوّل التطبيق إلى ضرورة بالنسبة للكثير من الشركات الأميركية الصغيرة، وفقاً لدراسة أجرتها أكسفورد إكونوميكس بدعم من المنصّة.
وأكّدت الدراسة أنّ تيك توك يعزّز نموّ أكثر من سبعة ملايين شركة صغيرة، ممّا يساعد على تحقيق مليارات الدولارات وتوفير أكثر من 224 ألف وظيفة.
وعلى هذا الصعيد، يقول بلال رحمن من تكساس “كلّ من يشارك في اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان سيتمّ حظر هذه المنصة من عدمه ، يغضّ الطرف عن كيفية تأثير ذلك على جميع الشركات الصغيرة”.
يتابع نحو 500 ألف شخص حساب رحمن على تيك توك @bilalrehmanstudio، الذي يروّج بشكل هزلي لمشاريع التصميم الداخلي لشركته.
ويعتبر الشاب البالغ من العمر 24 عاماً أنّ أصحاب القرار “لا يفهمون وسائل التواصل الاجتماعي وكيف تعمل”.
ويوضح أنّ “تيك توك أصبح جزءاً كبيراً من اقتصادنا، لذا فإنّ استبعاده سيكون مدمّراً لملايين الأشخاص”.
انتقلت شودري إلى تيك توك لمشاركة شغفها بالقراءة في أوائل العام 2020 أثناء عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا.
وتقول “لقد قمت بإنتاج عدد من مقاطع الفيديو، التي انتشر أحدها بسرعة كبيرة”.
جاءت فرصة كسب المال من الجهات الراعية والإعلانات مع نمو جمهورها، حتّى بات النشر على حسابها @aymansbooks TikTok بمثابة وظيفة بالنسبة إليها.
وفي الأثناء، لاحظت كيف أن القراء يقبلون على الكتب التي تتطرّق إليها، بينما كانت تسلّط الضوء على المؤلفات المحظورة من المدارس أو المكتبات في أجزاء البلاد.
سيشكّل حظر تيك توك ضربة قاسية بالنسبة للشركات المبتدئة خصوصاً، وفقاً للمحلّلة في “إي ماركتر” (eMarketer) جاسمين إينبرغ.
وتقول هذه الأخيرة لوكالة فرانس برس “أضفت وسائل التواصل الاجتماعي طابعاً ديموقراطياً على المشهد التجاري، وتيك توك عزّز ذلك لاحقاً”.
وتوضح أيضا أنّ “هذه منصّة أصبحت حاسمة بالنسبة إلى الكثير من الشركات الصغيرة، خصوصاً تلك التي تعمل في مجال الصناعات المتخصّصة أو تبيع منتجات غريبة”.
وتشير إينبرغ إلى أنّ أحد العوامل التي تميّز تيك توك عن المنصّات المنافسة، هي إمكانية نشر مقاطع فيديو بسرعة من قبل جمهور متفاعل للغاية.
وتؤكد أنّ “احتمال أن يشتهر الشخص عبر تيك توك لا مثيل لها، ويرجع الفضل في ذلك إلى حدّ كبير إلى خوارزميّتها بالإضافة إلى نوع المحتوى الترفيهي الذي تتضمنه”.
من جهته، يقول داميان روليسون مدير شركة التسويق “اس او س اي” (SOCi)، إنّ جيلاً شابّاً يستخدم تيك توك كنوع من محرّك بحث، ويقوم بإجراء أبحاث كما يجري عبر غوغل ليرى ما تقدّمه الخوارزمية.
وعند السؤال عن التطبيقات المفيدة للعثور على معلومات بشأن العلامات التجارية المحلية، أشار 67 في المئة من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً إلى “إنستغرام”، بينما أشار 62 في المئة إلى تيك توك، ليتقدّم بذلك التطبيقان على غوغل الذي حصل على 61 في المئة، وفقاً لدراسة أجرتها شركة التسويق “أس او سي آي”.
ولكن على الرغم من الترشيحات والمؤثرات الخاصة المقدّمة عبر التطبيقات المختلفة، يُعتبر تيك توك أكثر أصالة من إنستغرام بالنسبة إلى الفئة الشابّة.
ويوضح روليسون إنّ المستخدم يحصل على مقاطع فيديو “تعطي فكرة أعمق وأكثر واقعية بدل قراءة تقييمات بشأن موضوع معيّن”.
وفي السياق ذاته، تقول شودري “هناك بالتأكيد أجواء مختلفة على تيك توك مقارنة بيوتيوب أو إنستغرام”.
وتضيف “يحتوي تيك توك على الكثير من الفكاهة والإبداع أكثر ممّا يحدث عبر إنستغرام”.
الأمر ذاته يتحدّث عنه رحمن، موضحاً أنّ “الجزء المفضّل بشأن تيك توك هو الشعور وكأنّك تجري مكالمة عبر فايستايم مع صديقك”. ويضيف إنّه “شعور خام وأصلي”.
نصح روليسون الشركات التي تعتمد على تيك توك بأن تضع خطط طوارئ في حال تمّ خطر التطبيق، والالتزام بالفيديوهات القصيرة نظراً للرغبة في الحصول على هذا النوع من المحتوى.
وفي هذا الإطار، يقول إنّ “إشارات الطلب (على هذا النوع من مقاطع الفيديو) قوية جداً بين المستخدمين الأصغر سنّاً لدرجة أنّني أعتقد أنّ أنماط الاستخدام ستنجو من أي من نتائج” الحظر.
ويخلص إلى أنّ “إدراك هذه البيئة ليس فقط استراتيجية مفيدة، بل أيضاً حاسمة”.